الجمعة, 26 نيسان/أبريل 2024

اتصل بنا

للإتصال بنا أو المساهمة في الموقع

 

  moutakaf.m@gmail.com

إقرأ معي

عدد زوار الموقع

عدد الزيارات
29270

ملتقيات علمية وطنية ودولية

 

  ¦ حديث المثقف

 حديث أميرة جيهان خلف الله

الجزء الثاني 

 

الكاتبة:

... حين أتحدث عن الجبل [تقصد الجبل المطل على مدينة جيجل]، يكون في ذهني السكان الذين طردوا من قبل الغزاة القادمين عبر البحر، كما يحدث دائما مع سكان المدن الساحلية. لطالما أحببت القصص التي تتحدث عن الأشخاص الذين يتيهون في الغابة، فأنا أعود في كل مرة إلى القصص الشفوية لجداتنا التي تغذيت منها في صغري... هناك أشخاص عديدون يتيهون

في الغابة، فحتى عندما أتحدث عن السلطة المركزية في العاصمة عندما قرر الأغا شعبان إرسال قواته، والتي لم تكن ترغب في الذهاب لجبال جيجل خوفا من ساكنيها الأحياء والأموات أيضا، حيث كان يروى أن هذه الجبال كانت مسكونة بالأرواح.. لذلك اشتغلت على قصص الجبال المسكونة بالخوف والحكايات..

 

"يمكن للروائي أن يضيف شيئا للتاريخ ويسمح لنفسه بالقيام بأشياء لا يمكن للمؤرخ القيام بها، لأن الروائي يشتغل على مستوى الخيال''

 

أحد الحضور:

أتحدث عن الشكل أكثر من حديثي عن المحتوى، وأبدأ بالعنوان: هل هي صدفة أم أنه يوجد رابط بين عنوان هذه الرواية ونفس العنوان في عمل سينمائي، مع أني لا أملك معلومات كثيرة عن هذا الفيلم؟ أود أن أتحدث أيضا عن تجزئة الرواية وكيف كان الإنتقال في الزمان والمكان في كل مرة، هل كان ذلك بسبب اشتغالك لسنوات  في المسرح؟

 

الكاتبة: 

بالنسبة للفيلم، ليس لدي أدنى فكرة عنه، فأنا لا أعرف إن كان يتحدث عن نفس القصة، لقد قلت قبل قليل أن ''ديزيري''، "تيزيري"، "دزاير" أو ''بلد القمر'' كانت مقابلة لبلد الشمس (الملك الفرنسي لويس الرابع عشر). أما فيما يخص حديثك عن التواريخ، فلا أدري إن كان ذلك بتأثير من المسرح ولكن ذلك أمر وارد، فأنا أكتب للمسرح مند عدة سنوات، قد تكون هناك عناصر تذكر بالمسرح. لقد كنت أحاول كتابة هذه القصة منذ عدة سنوات، صحيح أن من عادة القراء السؤال عن المدة التي استغرقتها كتابة الرواية، ولكن هناك وقتين للرواية، فهناك عالم الكتابة وهناك وقت من عدم الكتابة وهو جزء من الكتابة أيضا، فهو وقت للتفكير، لأن سلوك الكتابة غير منحصر في أخذ القلم والكتابة أو الجلوس خلف جهاز الإعلام الآلي بل هو أن تكون مسكونا بالشخصيات، وقد كنت مسكونة بهذه الشخصيات منذ سنوات عدة.

 

أحد الحضور:

أرى أن الشخصيات كانت محملة بالأحداث أكثر من الإنفعالات.

 

الكاتبة:

فعلا، فما همني هي الأقدار في التاريخ، أقدار تلك الشخصيات التي تكون مغمورة بأحداث التاريخ، وهو أمر مروع فيه تدمير الحياة... ربما ما وددت قوله في هذا المؤلف هو أن هذه الشخصيات لم تتخذ إجراءات فعلية وواضحة في حياتها، وكأن القدر كان يسير عكس ما يوده الناس، ففي وضعية الحرب نشعر بأننا اتخذنا قرارات ولكنها لم تكن قرارات حقيقية، لأن المسألة كانت مسألة نجاة، ففي تلك الفوضى يصبح السؤال المتكرر كيف ننجو؟ وهو سؤال طرحته وطرحته شخصياتي خلال معاشها.   

 

أحد الحضور:

لقد كان هناك فاعلين في هذه الحرب، البحرية الفرنسية و''الجواجلة'' (سكان مدينة جيجل)، لقد دخلت القوات الفرنسية إلى الجزائر في سنة 1830، وعندما دخلت مدينة جيجل أمكننا معرفة فاعلين فرنسيين ولكننا لا نعرف أحدا من ناحية الجواجلة، ألا يوجد إسم للإحتفال بهذا اليوم: 22 جويلية، لأنه حدث كبير بالنسبة لنا سكان جيجل. من جهة أخرى أحسست أنه كان هناك توجه نسائي un féminisme يخرج بين أسطر الرواية.

 

الكاتبة:

   لم أكن منشغلة بهذا التوجه النسائي Féminisme وأنا أقرأ وأحضر لهذا العمل، فقد كنت أود رد الإعتبار لجداتنا، اللواتي لطالما تساءلت عما كن يقمن به في تلك الأزمنة عندما كان يخرج أزواجهن للصيد في البحر أو الحرب، هل كن قاعدات في بيوتهن ينتظرن عودتهم أم كانت لهن مهام وعادات أخرى، لقد وجدت هذا الجانب من حياة ''الجواجلة'' مستحقا لتسليط الضوء عليه.

 

أحد الحضور:

ما الدافع الذي يقف وراء كتابة هذه الرواية؟ فالأمر جريء بالنسبة لرواية أولى وأنا أحييك على هذا.

 

الكاتبة:

   أنا أنطلق دائما في كتاباتي من شخصية ما، فأنا أكتب منذ سنوات وأعتبر نفسي حاملة لأسرار التاريخ أو لحكايات شخصياتي، فما يهمني في الكتابة هو خلق شخصية ما ومحاولة حكاية قصتها.

   لطالما علمت بوجود عائلات ''جيجلية'' تنحدر من أولئك القادمين من البحر، لذلك كنت أتساءل دائما عن سر بقائهم هنا وذوبانهم في السكان الأصليين، ما الذي وجدوه في جيجل؟ كيف استقبلوا؟  كيف يمكن رؤية جيجل بعيني أجني؟ كيف أمكن لهذا الأجنبي العيش مع أناس متمسكين بحريتهم؟ من هم هؤلاء السكان الأصليون؟ لقد تساءلتم قبل قليل عمن قاموا بالثورة، أنا أرى أن كل الجواجلة قاموا بها، كل بطريقته، فحتى لو لم يحتفظ التاريخ بتلك الشخصيات غير المعروفة، فأنا أهتم بهؤلاء الناس غير المعروفين الذين يحاولون العيش والدفاع عن مجالهم وحريتهم. 

 

***